“ساويرس” واستاذه !!
قلت ل”أنسي ساويرس” رحمه الله مؤسس الأسرة: ألم تخشى إرسال أولادك للدراسة في الخارج من خطر الإنحراف وهم في سن المراهقة ؟؟
أجابني بإبتسامة حلوة : لم يخطر هذا ببالي .. أولادي الثلاث “حاجة تشرف” فهم دوماً كانوا متفوقين في مدرسة صعبة جداً ، كما أن أمهم شريكة عمري أحسنت تربيتهم ، وكانت في كثيراً من الأحيان شديدة عليهم ، وهذا أمر مطلوب لأن الأولاد كانوا عفاريت.
سألته: وهل كنت تقسو عليهم أنت الآخر ؟؟
أجابني ضاحكاً: أنا راجل طيب !! كنت كما أخبرتك بعيداً عنهم لسنوات لأن ظروف البلد السيئة أضطرتني للهجرة إلى ليبيا .. ومع ذلك نجحت في أن أكون صديقهم جميعاً وهذا ما ساعدني على توطيد علاقتي معهم .. وكان لهذا الأمر آثاره الكبيرة خاصة عندما عدت إلى العمل في مصر منذ أغسطس عام ١٩٧٧.
قلت له: “اوراسكوم” ما شاء الله أصبحت شركة كبرى وأقامت شركات عدة في مجالات مختلفة .. فكيف كانت بدايتها ؟؟
رد قائلاً بابتسامة النجاح التي أعرفها جيداً .. بدايتنا كانت غاية في التواضع .. إثنين من الموظفين فقط وأنا ثالثهم !!
وتلك هي البداية في أغسطس عام ١٩٧٧ .. كان معي أبنة أختي “نبيلة المنقباوي” ومهندس أسمه “شريف فانوس” ، وكنا في حجرتين وصالة ! وبسرعة نمت الشركة والنجاح الكبير الذي حققته “اوراسكوم” يجب أن ينسب لأصحابه .. كل موظف في الشركة خاصة في البدايات أنا مدين له بالكثير وأشكره من صميم قلبي بالإضافة إلى الثمار الذي انتظرته طويلا من تعليم أولادي الثلاث أفضل تعليم .. كانوا خير عون لي ، وأمهم بالطبع التي أحسنت تربيتهم لها كل الشكر.
ويقول “أنسي ساويرس” : من أسباب نجاحي كذلك أنني لم أكتف بعملي في المقاولات وخبرتي فيه كبيرة بل قررت أيضاً الإستفادة من تجاربي وعلاقاتي الواسعة فاتجهت إلى التوكيلات .
وكان أول توكيل حصلت عليه من شركة “فولفو” السويدية وبعدها توالت التوكيلات والأعمال رغم أنني ظننت في البداية أنني بدأت متأخراً عام ١٩٧٧ بعد الإنفتاح الذي أنطلق عام ١٩٧٤ بعد حرب أكتوبر ، لكن أتضح أنني جئت في وقتي تماماً.
سألته عن أسم “اوراسكوم” .. من أين جاء ؟؟
فهو يبدو غريباً وغير مألوف خاصة في البدايات ، لكن الناس حالياً أعتادت عليه وأصبحت رمزاً للنجاح.
أتسعت إبتسامته وتذكر الماضي البعيد بعد تخرجه من الجامعة وبداية عمله كمقاول عام ١٩٥٠ ، قال أول عمل شاركت فيه إقامة طابقين إضافيين في العمارة التي يملكها أبي في سوهاج والمكونة من ثلاث أدوار .. والمقاول الذي أختاره والدي لهذا العمل أسمه “لمعي يعقوب” .. تعلمت منه الكثير جداً وكان في غاية الذكاء والشطارة رغم أنه لم يكن خريج جامعة ، لكنه حصل على الدكتوراه من الحياة والدنيا التي عاش فيها .. ورغبت في العمل معه ورحب هو بذلك لأنه كان يحتاج إلى رأس مال وهو يعلم بثراء أبي وقمنا بتكوين شركة في ذات العام “لمعي وأنسي للمقاولات” .. والعنوان التليفرافي لهذه الشركة أسمه “اوراسكوم” وأثبتت الشركة وجودها بسرعة ونجحت نجاحاً كبيراً حتى لحقت بها كارثة التأميم عام ١٩٦١ .. ولذلك عندما عدت إلى مصر وبدأت العمل من جديد قررت إطلاق اسم “اوراسكوم” على شركتي !!
وغداً بإذن الله حلقة اخيرة في هذا الحوار وعنوانها:
“أنا دخلت كلية غلط” !!
بقلم/ محمد عبدالقدوس
كاتب صحفي
Average Rating