رجل بلا رذيلة .. وغير قابل للفساد!!
هكذا وثّق الكاتب والصحفي الفرنسي جان لاكوتير جنازة الزعيم جمال عبد الناصر في كتابه عن ناصر، حيث كان متواجدًا في القاهرة وحضر الجنازة بنفسه. وصف المشهد بأنه مهيب، حيث احتشدت الملايين في صمت، لا يُسمع سوى صوت البكاء والهتاف في حب ناصر. وكالات الأنباء والصحف العالمية نقلت هذا المشهد، وبثت معظم محطات التلفاز العالمية تلك الجنازة.
خروج هذه الملايين من المصريين لوداع زعيمهم إلى مثواه الأخير كان بمثابة استفتاء على حبهم ورضاهم عن فترة حكم ناصر، التي تعتبر مرحلة استثنائية في تاريخ مصر. لم تقتصر الجنازة على القاهرة فقط، بل امتد الحزن إلى كل أنحاء البلاد، حيث خرجت الجماهير تحمل نعوشًا رمزية، وتهتف باسم ناصر، الذي كان دائمًا نصيرًا للضعفاء ومنصفًا لهم. كذلك، امتدت جنازة ناصر إلى عواصم عربية عديدة، حيث خرجت الشعوب العربية تحمل نعوشًا رمزية أيضًا، تعبيرًا عن حبهم له كزعيم للأمة العربية وليس لمصر وحدها.
ناصر لم يكن زعيمًا مصريًا أو عربيًا فقط، بل كان زعيمًا عالميًا شهد له الكثير من قادة وزعماء العالم. قال عنه جواهر لال نهرو، رئيس وزراء الهند: “كان يتمتع بصدق مطلق، وشغف بالمعرفة، وشجاعة حاضرة، وهذا جعله رجلاً مفكرًا وقائدًا مؤهلاً لقيادة أمة في حقبة حاسمة”. أما الكاتب البريطاني توم ليتل، فقال: “إن قوة منطق ناصر تستمد قوتها من منطق التاريخ”. حتى رجل المخابرات المركزية الأمريكية يوجين جوستين قال: “لا نستطيع أن نفعل شيئًا معه، فهو بلا رذيلة وغير قابل للفساد”. كما ذكر الكاتب الهندي ديوان برندرانات في كتابه “ناصر: الرجل والمعجزة”: “إن التاريخ المعاصر للعالم العربي، وخاصة مصر، لا يمكن فصله عن تاريخ ناصر”.
المهتمون بأمور الجنازات في العالم صنفوا جنازة ناصر كثاني أكبر جنازة في التاريخ البشري، حيث جاءت في المرتبة الثانية بعد جنازة أنادوراي، رئيس وزراء ولاية تاميل نادو في الهند.
وبعد أيام قليلة، تحل الذكرى الرابعة والخمسون لرحيل زعيم الأمة، ناصر العدل والعدالة الاجتماعية، ناصر القيادة والكاريزما، ناصر العزة والكرامة. ناصر الذي لا يزال اسمه يُذكر في الكثير من دول العالم، من أفريقيا إلى آسيا إلى أمريكا اللاتينية. ناصر الذي دعم الكثير من حركات التحرر الوطني في نضالها ضد القوى الاستعمارية والإمبريالية من أجل الحرية. رحل ناصر، لكنه لا يزال حيًا في قلوب الملايين من أحرار العالم، فهو رمزٌ للعدالة والنضال والتحرر. رحم الله الزعيم خالد الذكر، جمال عبد الناصر.
بقلم: شهدي سامي
Average Rating