سر الخمسيني الطيب!!
بالأمس القريب كنت إذا التقيت واحدا من الناس تجاوز عمره الخمسين أشعر تجاهه بالشفقة والعطف. أقول لنفسي كيف نجح الرجل في الحصول على هذه السلفة من الحياة.
وكنت إذا فكرت في حاله أقول لنفسي لعله لا يفعل إلا الخير، ولا يقول إلا الطيب من الكلم، ولعله يحسن إلى والديه، ويعطف على أبنائه وزوجه.
وكنت أحدث نفسي بأن مثله عرف الحكمة كلها، فلا أظنه يخطئ، وأحدث خاطري بالقول إن مثله ذاق من النجاح والقناعة ما يشبعه عن طلب المزيد، وأخذ نصيبه من الحزن فلا أظنه يأبه لعوارض الزمن ولا يشغله حرمان أو فقد.
وأخال هذا الرجل لا يمسه قلق على مصير بلاده ووطنه، فقد عاش طويلا، وعرف وفهم وتأكد من الغد، بعد أن جرب وخبر ومارس وأدرك.
وها أنا أكمل عامي الرابع والخمسين، وما زلت أفعل الخير والشر، وأقول الصالح والطالح، أخطئ كما في كل السنوات الماضية، أتطلع إلى الغد كما لو كنت قد تخرجت من الجامعة للتو.
ما زلت لا أنام لأني مشغول بعمل لم يتم، وصفحات كتاب لم ترق إلى المستوى المطلوب.
ما زلت ألتمس الفرح والحب والأمل، وما زلت أحزن وأغضب ويؤذيني كسر الخاطر.
ما زلت قلقا على بلادي بأكثر من أي وقت مضى، لا أشعر باطمئنان إلى الغد، ربما ليس طمعا لنفسي بل محبة لأبنائي ومن في عمرهم، وطموحا لتلاميذي ومن في جيلهم.
فيارب اهدني لما تحب وترضى، واجعل ما تبقى من أيامي خيرا مما فات، وامنحني عافية في البدن الذي أصابه الوهن، والبصر الذي اعتراه الضعف، وطمئن قلبي يارب على بلادي وأهلها.
بقلم / د. عاطف معتمد
أستاذ الجغرافيا
مرتبط
More Stories
الإجرام الصهيوني في سورية يؤكد جوهر الصراع !!
لقد شهدت سورية العربية خلال الأسبوع الماضي (المزيد…)
بين الانتقادات والممكن: هل تتجاهل الثورة السورية مواجهة إسرائيل؟
د. أروى محمد الشاعر تكتب: (المزيد…)
القوة الفاعلة في صناعة القرار السياسي والعلاقات الدولية “رؤية أنثروبولوجية”
د. مها أسعد تكتب (المزيد…)
Average Rating