“جعفر العمدة ” نقطة سوداء فى تاريخ الدراما!!

Read Time:6 Minute, 15 Second

اعلم تماما مدى اتساع دائرة مشاهدى مسلسل ” جعفر العمدة ” ومتابعته , ولكن من قال أن الجماهيرية والشعبية هى مقياس دقيق للحكم على الجودة والأتقان وصحة التوجه , فهل يجوز أن نطالب بتقنين تجارة المخدرات على اعتبار رواجها وشعبيتها لدى طبقات عديدة داخل المجتمع !!!؟؟؟

الكاتب الكبير والسيناريست محمد جلال عبد القوى له تجربة وحيدة مع السينما

وهو فيلم المولد والذى قدمه من بطولة عادل إمام ويسرا وإخراج سمير سيف عام 1989 , وهو أعلن بنفسه إنه الذى قام بتغيير نهاية الفيلم والتى شهدها الجمهور , رغم عدم قناعته ورغم أن مافعله وقام به بيده على غير قناعاته وتوجهاته , فكيف يترك بركات / عادل إمام , الحرامى , يهرب بالفلوس التى سرقها من العصابة ويكمل حياته سعيدا ويعمل باى للجمهور ! لكنه خضع للمنتج والبطل ولشروط الشباك – وقتها – , وهى لها حسابات أخرى , وأعلن توبته وعاد لبيته وملعبه الأساسى وهى الدراما التليفزيونية.

هذه المقدمة أعتقد أنها ضرورية ونحن بصدد الحديث عن مسلسل المخرج والمؤلف محمد سامى ” جعفر العمدة ” , الذى كتبه بالأشتراك مع كاتب جديد هو مهاب طارق – فى أول تجربة له – , وقد حفل المسلسل بكل المشهيات والتوابل وكل أنواع الجذب الجماهيرى ليكون بحق أول مسلسل تليفزيونى ” يخضع أو يتم إخضاعه” لشروط الشباك السينمائى وهى الشروط التى جعلت محمد جلال عبد القوى يتنازل عن قناعاته قبل 34 سنة – كان محمد سامى وقتها عمره 6 سنوات فقط .

أنا أقدر الدوافع التى جعلت محمد سامى يدفع بهذا العمل للعرض , وجميعا تابعنا تجربته فى التأليف قبل عامين من خلال مسلسل ” نسل الأغراب ” وكان عليه استعادة ثقته فى نفسه وثقة جمهوره فيه كمؤلف ومخرج , عبر بطله الأثير وشريكه فى نجاحات سابقة محمد رمضان .

حارس البوابة   

واستعير هنا هذا التعبير الأكاديمى والذى يخص الصحفيين فى الأساس على أعتبار أنه قائم بالأتصال بالجمهور والذى عليه واجبات ويخضع لمعايير أخلاقية وتربوية ويتصف بصفات معينة عليه إدراكها جميعا وهو يقوم بمخاطبة الناس وتوصيل رسالته لهم سواء كانت فى صورة خبر أو تقرير أو تحقيق أو مقال .

وربما فى حالتنا الراهنة لم يعد هناك بوابة من الأساس ليكون هناك حارس , سواء فى الصحافة أو الإعلام عموما , وضم لهم كل صنوف الإبداع , ( والدليل على ماأقول هذا المستوى المتدنى من الأعمال الدرامية فمن بين 50 عمل كمتوسط إنتاج سنوى ربما تجد أقل من عشرة أعمال تظهر بمستوى جيد , وكمثال حى آخر لما أقوله ضم أو منح عضوية نقابة الموسيقيين التى كان ترأسها فى يوم من الأيام أم كلثوم لمقدمى المهرجانات !! وتلك قصة أخرى .

ونعود للدراما , فقد اختلط الحابل بالنابل واصبح التأليف مسئولية كل مؤلف , وفى زمن سابق لم تكن لهذه الأعمال أن تمر للمشاهدين عبر شاشة التليفزيون , لأن الدولة كانت موجودة عبر أجهزة مسئولة وشخصيات مهنية تدرك أهمية وقيمة الدراما , وخطورتها فى التأثير على المجتمعات .

اعلم تماما مدى اتساع دائرة مشاهدى مسلسل ” جعفر العمدة ” ومتابعته , ولكن من قال أن الجماهيرية والشعبية هى مقياس دقيق للحكم على الجودة والأتقان وصحة التوجه , فهل يجوز أن نطالب أن تقنن تجارة المخدرات على اعتبار رواجها وشعبيتها لدى طبقات عديدة داخل المجتمع !!!؟؟؟

الخيال والواقع

ويثير المسلسل كثير من الأسئلة فمثلا : هل هذا العمل ينتمى للواقع بشخصياته وأحداثه , أم أنه ينتمى فى جزء كبير منه لقصص وحكايات من خيال المؤلف وبطله , أم أن فريق عمل المسلسل أرتأى صناعة خلطة تجمع بين الحقيقة والخيال ,وأن تُخًدم كل الأحداث لمصلحة بطله الأوحد – محمد رمضان – والذى يجمع كل الصفات التى يراها جاذبة لجمهوره ,, فهو يملك الفحولة الجنسية وتحت إمرته وفى عصمته 4 زوجات جميلات , وذو بنية قوية يستخدمها فى الأوقات المناسبة والغير مناسبة والردع , من خلال ساحة واسعة أمام منزله ويهيأ له ” المؤلف ” الظروف والدوافع لتأديب وسحل أسرة حمادة فتح الله – طارق النهرى – طوال حلقات المسلسل ويجتمع أهل الحى فى دائرة منتظمة للمشاهدة فقط – دون التدخل !! –

على أعتبار أننا فى حى شعبى والناس تحشر أنفها فى كل شئ , لكن فى ” جعفر العمدة ” لايحدث ذلك , وتتراص الأسر فى البلكونات أيضا , فى طقس ثابت لايتغير .

أو فى مجلسه العرفى الذى يقوم فيه بدور القاضى بين خصمين , ومفترض إنه ممثل الله على الأرض , رغم إننا لم نشاهده بيركعها , ولم يضبط مرة واحدة داخل المسجد إلا المرة اليتيمة فى الحلقة الأخيرة عندما دخل يسأل الشيخ عن عمله وثروته التى كونها بالربا !!

والمدهش أن يثق الناس فيه ويضعونه فى هذه المنزلة الرفيعة ” قاضيا ” بينهم بالحق وبما أنزل الله , أم أن أهل حى السيدة زينب لايعرفون عنه أنه لايعرفون عنه هذه النقيصة , ولايعرفون أيضا أنه من مرتادى الملاهى الليلية !

أيضا من الأمور الغريبة فى هذا المسلسل أن الزمن متوقف طوال حلقات المسلسل الذى امتدت أحداثه ل 30 , واقترب زمن كل حلقة من 50 ق , عند فصل الشتاء,

فجعفر لم يخلع عبائته الشتوية من على أكتافه طوال الحلقات , بأستثناء زيارة بيروت .

المبالغة فى الأداء    

يقينى أن محمد رمضان قدم أداء نمطى فى شخصية جعفر ووقع فى أسر المبالغة الشديدة خاصة فى مشيته وفى لزمته بوضع يده على شعر رأسه , وحتى المخرج بالغ فى استدرار تعاطف المشاهدين معه بعدسة الزووم على وجهه عند الحديث عن ابنه المخطوف , وكثير من ملامح الشخصية تقترب من شخصيته فى مسلسلى البرنس والأسطورة .( المسلسلين إخراج محمد سامى – ونضيف التأليف فى البرنس ) .

الكتابة

نجح محمد سامى فى الاحتفاظ بإيقاع المسلسل الى حد كبير ولكن بنسب أحداث كثيرة للصدفة ..مثل مقابلة بلال شامة – مجدى بدر – لفاطمة – لبنى ونس – فى القطار , أو مقابلة سيف – أحمد داش – لجعفر عند عزيزة – فريدة سيف النصر -.

وكان من الممكن أن يتم أقتصار المسلسل على 15 حلقة فقط , وكل هذه الحدوتة قامت على الحقد والغل الذى ملئ قلب دلال – إيمان العاصى – على حمل وولادة ثريا – مى كساب – للولد الذى سيرث كل شئ ويكون عين أبيه وهى التى لاتنجب , رغم أنها الحب الوحيد لجعفر .

لذلك هناك كثير من الشخصيات والاحداث التى يمكن تقليصها او إلغائها ولن تؤثر إطلاقا على سير العمل .

أيضا لم يوضح لنا المؤلف كيف لشاب عمره 19 سنة تأسيس مركز لصيانة السيارات على هذا المستوى الكبير ويركب سيارة مرسيدس حديثة !

من ضمن التناقضات فى شخصية جعفر , نرى مشهد فى الحلقة رقم 11 وهويقول لوالدته وصيفة – هالة صدقى بعد ان نهر زوجته نرجس – منة فضالى – بعد علمه أنها حامل وكاد يرمى عليه يمين الطلاق : لوواحدة من زوجاتى كانت حامل مش هاقدر أقولها نزليه !!؟ ولما أقسمت له أنها هاتنزله , سكت ولم يعلق .

 

هناك مشهد فى الحلقة 13 تقوم فيه نرجس بسرقة جلاليب لوصيفة من دولابها وتشعر بها وتقوم وتضربها وتطردها , وفى الحلقة التالية تحاول وصيفة معرفة أبعاد الموضوع , ومفترض أن هذا المشهد يكون تالى للمشهد الأول .

مشهد مبتذل   

فى الحلقة15 نرى مشهد جعفر فى غرفة نومه مع نرجس ثم يخرج للصالة فيجد عايدة – زينة – قاعدة على الكنبة من ليلة أمس منتظراه !! وأنها كانت عايزاه يقضى الليلة معها , ويقول لها جعفر : خلاص خمس دقائق تمشى نرجس وتدخلى أنتى !!

حتى لو بنتكلم بلسان جعفر .. كيف نعرض للعلاقة الزوجية المقدسة بهذه الصورة الحيوانية الحقيرة ؟ والتى تهين المرأة !

قاموس البذاءة 

رغم نجاحها فى شخصية وصيفة إلا أننى لى ملاحظة على الأسكريبت المكتوب للشخصية وجاء على لسانها فقد احتوى أغلب حواراتها على قاموس من الشتائم البذيئة بمناسبة وبدون مناسبة مع زوجات جعفر فهى تصف واحدة بالمقيحة وأخرى بأبنة الناس الواطية وأخرى بأبنة الناس الجعانين , وأضف لذلك حوارتها مع شقيقها فتوح – فتوح أحمد – .

النموذج

لم يقدم المسلسل لنا شخصية رئيسية سوية لتحقيق التوازن الدرامى المنشود , ربما تكون شخصية سيف الوحيدة التى يمكن انها تتصف بذلك , وخلاف ذلك كل الشخصيات أما مقهورة أو منهزمة أو مفعول بها ,وهذا يشكل قصور فى الرؤية الكلية لعمل تليفزيونى مفترض يخاطب كل فئات المجتمع بثقافاتها المختلفة العالية والمتدنية .

ويعتقد ” المؤلف المخرج ” إنه خلص ضميره فى الحلقات الأخيرة تجاه مشكلة زوجات جعفر وقضية التعدد بثورة نرجس ” المتأخرة جدا ” على الوضع وطلبها الطلاق بزعم أنها لاتقبل أن تكون زوجة ثانية وان ترى زوجها من خلال جدول !!

( المسلسل يقول لنا أن عمر زواجها من جعفر 7 سنوات )

تبقى ملحوظة أخيرة فى تسكين الكاست , وهى خاصة بأحمد فهيم فرغم صغر سنه قياسا بهالة صدقى إلا أنه يبدو أكبر منها بكثير , وهى قضية المخرج فى ضبط مكياج كل شخصياته الرئيسية والتى تتحرك فى فترة زمنية عمرها 19 سنة .

بقلم/ محمد ابو شادي

محمد ابو شادي

صحفي 

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %

Average Rating

5 Star
0%
4 Star
0%
3 Star
0%
2 Star
0%
1 Star
0%

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *