الحب بالمزاج !!

Read Time:1 Minute, 56 Second

والدي رحمه الله أفضل من كتب عن الحب بأنواعه ، وقد تعرض بسبب ذلك للكثير من المضايقات ، منها وقف ما كان يقدمه في الإذاعة المصرية أوائل الخمسينات ، حيث كان يختم كلامه قائلاً: “تصبحوا على حب” بدلاً من “تصبحوا على خير”!!

وثار كثيراً من المستمعين على هذه الجملة!

وحاولوا إقناعه بالبديل “تصبحوا على خير”، لكنه ركب رأسه عن حق!!

ووصل الأمر إلى حاكم مصر “جمال عبدالناصر” ، فأقترح حل وسط يتمثل في “تصبحوا على محبة”!!

لكن حبيبي أبي رفض ذلك ، وكانت وجهة نظره أن الحب لا يقتصر على العلاقة بين آدم وحواء كما يظن هؤلاء الذين ثاروا عليه، لكنه يقصد الحب بمفهومه الشامل .. حب الناس والدنيا كلها ..

وأنه إذا تنازل عنها فهذه إهانة شديدة لتلك العاطفة النبيلة التي تسمو بالإنسان وهذا لا يمكن أن تصدر منه!

وتم وقفه من حديثه الإذاعي بسبب دفاعه المستميت عن الحب كما يعرفه.

ولاحظت أن الحب في عصرنا هذا قوامه المزاج!!

وهذا يتعارض مع الحب بمفهومه الشامل فهو قائم على الأهواء والمصالح ، فإذا أختلف الإنسان مع غيره، حتى مع أقرب الناس إليه فلا يقدر حب المزاج هذا على أحتواءه ، والحبيب يتعرض للإهانات والمعاملة السيئة في هذه الحالة فما بالك بالناس العاديين ؟؟

ومن ناحية أخرى هل يقدر الإنسان بهذه الطريقة أن يحب من يختلف معه بطريقة جذرية!!

طبعاً لأ لأن حبه بالمزاج!!

وفي يقيني أن هذه العاطفة النبيلة حتى تكون راسخة الجذور لابد أن تستند على أساس قوي متين!!

والتدين الجميل قادر على ذلك ، فإذا كنت تحب ربنا بطريقة صحيحة “وبجد” وبحق وحقيقي ، فإن هذا سينعكس تلقائياً على سلوكك، ويكون لك قلب من ذهب ينطلق منه حب عظيم عابر للقارات والإختلافات والأشخاص ، لأن حب الناس من حب ربنا ..

ويا سلام على إنسان صاحب أخلاق ومبادئ لا يتنازل عنها أبدا ، فهو صلب زي الحديد ، ويواجه من يختلف معه بقوة ولكنه لا يكرهه، لأن قلبه الكبير لا يعرف ذلك .. فهو “يحب طوب الأرض” بالتعبير العامي ..

ومن يختلف معه إذا داهمه مرض أو مصيبة سارع إلى الوقوف بجانبه ودعى الله أن يرفع عنه البلاء ، وهذا يختلف بالطبع من صاحب الحب بالمزاج فهو يفرح لتلك المصيبة التي وقعت ، ويقول “أحسن يستاهل” هذا جزاء أفعاله!!.

وشتان الفارق بين الحب القائم على الأهواء ، وذلك الذي يستند على التدين الجميل فأخلاقه الحلوة تستحق عشرة على عشرة، وهو نعمة على الناس كلها وأولهم المقربين منه ، وصدقني أنني لا أتحدث عن ملائكة بل عن أناس موجودين بيننا وإن كانوا قلة، ويمكنك أن تكون واحد من هؤلاء إذا أستند حبك على أساس قوي متين.

محمد عبدالقدوس

كاتب صحفي

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %

Average Rating

5 Star
0%
4 Star
0%
3 Star
0%
2 Star
0%
1 Star
0%

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *