في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. أقلامنا ومدادها
الأقلام ومدادها أسلحة جبارة تفوق قوة تأثيرها الآلة العسكرية التي قد تأتي على المنشأت والممتلكات فتدمرها تدميرا، والتي قد تهلك الحرث والنسل .
لكن كل هذه الأشياء أشياء مادية من الممكن تعويضها وإعادة بناؤها من جديد.
أما الأقلام فخطرها أشد وأشرس، الكلمة المكتوبة والمسموعة والمرئية وقعها وقع السحر على المتلقي بكافة مستوياته الثقافية والفكرية والدينية .
فالخطيب الذي يعد خطبة جمعة ويتلوها على المصلين إذا لم تكن هذه الكلمات في رضى الله تعالى فقد تهوي بقائلها فى النار سبعين خريفا.
لماذا لأن صاحبها سيضلل الناس ، وخصوصا عوام الناس ، لأنه ليس كل من يحضر الخطبة من النخبة، وحتي النخبة المثقفة كثير منهم لايكون علي دراية وفهم لصحيح الدين ومن ثم سينقادون انقيادا أعمى دون روية ينقادون خلف هذا الخطيب.
ولا أقول عالم الدين فليس كل الخطباء علماء دين فمنهم من يأتي بأحاديث موضوعة وضعيفة ، ولاحتى يعرف هو ذلك فيسير خلفه الناس فيحرمون ما أحل الله ويحلون ما حرم الله، كبعض من يخرجون علينا على شاشات القنوات الفضائية الخاصة المملوكة لبعضهم وطول الوقت تقنيط من رحمة الله وتنفير الناس من الدين وترهيبهم بذكر النار.
وكأن الله تعالي والعياذ بالله لم يخلق إلا النار، ترهيب ترهيب ترهيب ونسي هؤلاء أن رحمة الله وسعت كل شيئ ، ونسي هؤلاء كثير من آيات القرآن بدأت ترغيبا.
” نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم”، “فأتياه فقولا له قولا لينا”
وقول الله للنبي “خذ العفو وأمر بالعرف” وقوله “ولوكنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعفو عنهم واستغفر لهم”
وخلاف هؤلاء كثيرون،فأمثال هؤلاء عندما تقرأ كتاباتهم ويسمع كلامهم عاص فلن يتوب عن معصيته ، بل وقد يزداد إصرارا على عدم العودة إلى الله.
فهذه أقلام مرذولة ممقوتة لاتهدي إلى الخير ولاتهدي الى الصواب.
وثم مثال آخر لمثل هذه الأقلام، وما تسطره هذه الأقلام.
الأقلام التي تخط البرامج والمسلسلات التليفزيونية والإذاعية الهابطة التي تحمل ما تحمله من التفاهة والإسفاف التي قد تصيب من يسمعها أو يشاهدها بالغثيان، كلمات مبتذلة ، ألفاظ خارجة، إباحية، إيماءات جنسية، هل مثل هذه السخافة والابتذال يقود إلى طريق مستقيم، لا والله ولكن سيذهب بمجتمعاتنا الشرقية المحافظة المتمسكة بالقيم والمبادئ سيذهب بها إلي براثن الوقوع في الرذيلة ويحدث مالا يحمد عقباه وبعدها نجلس ونبكي ونتباكي على ما أصابنا.
فلماذا لانغقل بابنا في وجه هؤلاء.
نغقل نحن في وجوههم الأبواب.
ساعتها ستبور وتكسد سلعتهم وسترتد إليهم حسرة وندامة.
لماذا لانعود عودا أحمدا إلى زمننا الجميل وسحر الكلمات والبرامج الثقافية المعتبرة والندوات الشعرية التي تشكل الوعي الروحي والقيمي لدي الإنسان وترتقي به فتجعله يحلق في فضاء رحب يسوده الحق والخير والجمال.
ثم نوع ثالث مما تسطره الأقلام.
أولئك الذين يطلعون علينا بمقالات غير مفهومة وأعي ما أقول كثير من المقالات التي نقرأها في بعض الصحف والمواقع الإلكترونية وهذه الصحف يقرأها الجميع، وهذه المواقع يزورها الآلاف من المتابعين.
فلماذا الإبتذال في الألفاظ والتلاعب بها. ولماذا استخدام عبارات وألفاظ غير مفهومة هل غرضنا تشكيل الوعي وتنوير القارئ أم تضليله،
كمن يكتب في الفلسفة بلغة التعالي ويأتي بعبارات لفلاسفة قدامي مثل مثلا تأييس الأيس عن الليس،يا سيدي الفاضل لماذا ذلك كذلك.
قل إيجاد الشيئ من اللاشيء يعني الخلق من العدم وهو الخلق الإبداعي، لكن لا أدري لماذا يفعلون ذلك هل ليثبتوا الغلبة والتفوق الفكري تفوقك الفكري أن تصل بمعلومة مفيدة يستفيد منها الجميع ويحاولون إفادة من حولهم بها.
طبعا لا أعمم الأحكام ، وإنما يوحد كتاب معتبرين مبدعين كتاباتهم بلسم وترياق شاف ودواء لكل عليل.
وكذلك صنف آخر من الأقلام، تلك الأقلام التي لاتكتب إلا من أجل الشهرة وذيوع الصيت وجمع المال، وكل ذلك سيذهب إلي حيث يذهب.
التاريخ لاينسى حتى إن اندرس رسم هؤلاء ومحي ذكرهم من الذاكرة.
وكما ذكرت فإنه على الجانب الآخر هناك أقلام تسطر فكرا حقيقيا يخلد أسماء أصحابها مع الخالدين
أقلام لاتبتغي جاه أو شهرة أوسلطان، لاتبتغي إلا وجه الله تعالى ولاتكتب إلا صدقا وعدلا أقلام مهمومة بقضايانا العربية والإسلامية.
،وقضايا أمتنا العربية وقضيتنا الأم التي هى شغل كل قلم منصف يحب أمته ويحب عروبته ويتنفس الحرية، قضيتنا التي لايمكن بحال من الأحوال أن نتنساها أو نتجاهلها قضية وجودنا الحقيقي،نكون أو لا نكون إما وإما .
إما أن نتخاذل كالمتخاذلين والعياذ بالله.
أو نشحذ هممنا ونملأ أقلامنا بمدادنا ونكتب فلسطين ونقلها ونملأ بها الدنيا فلسطين عربية وأمتنا عربية ومسجدنا مسري نبينا سيعود رغم أنف المعتدين،رغم أنف الحانقين الحاقدين المتخاذلين فلا نامت أعين الجبناء.
أقلامنا حراب ورماح سنوجهها بكل ما أوتينا من قوة لنصرةالحق، بالمقالات، بالأشعار، بالأزجال، بالأغاني والأناشيد.
بتراتيل المصاحف، بترانيم الأناجيل، بمزامير داود ، بتوراة يهود.
سنملأ الدنيا فلسطين عربية.
هذه هي الأقلام الحقيقية التي لاتبتغي إلا الحق والدفاع عنه.
صحيح قد يتم تجاهلها أو قد لاتأخذ حقها من الإنتشار وقد يسخر من أصحابها.
ولكن قد يكونوا ساهموا مساهمة فعالة في تشكيل الوعي الجماهيري علي كافة مستوياته .
وفي كافة الأروقة والأمكنة وحتما سيأخذون حقهم لماذا لأنهم صدحوا بالحق ووجهوا دفتهم ناحية الحق وقادوا أقلامهم إلي الحق ولم تقدهم أقلامهم إلى الباطل .
وأختتم حديثي بقوله تعالى “أفمن يهدي إلي الحق أحق أن يتبع أمن لايهدي إلا أن يهدي”
بقلم/ د. عادل القليعي
أستاذ الفلسفة الإسلامية بآداب حلوان
Average Rating