اوروبا والعودة إلى نظام التعليم التقليدي!!
قرأت اليوم خبرا من مصدر أوروبي أن المدارس قد تعود لنظم التعليم التقليدية في تكليف الطلاب بأداء الأنشطة الدراسية بما قد يتضمن كتابة يدوية دون الرجوع إلى مصادر رقمية.
وتأتي هذه الفكرة بعد الخوف المتزايد من أن تحل أساليب الذكاء الاصطناعي محل الإنسان، في كتابة الأبحاث والتكليفات المدرسية.
تمنيت أن تنتبه إلى الخبر جامعاتنا العربية التي احترفت مؤخرا أساليب امتحانات تسمى “بابل شيت” لا يكتب الطالب فيها عبارة واحدة بل يشير بعلامة صح وخطأ إلى هذا أو ذاك. وحين يتخرج من الجامعة لا يستطيع صياغة فكرة واحدة بلغة عربية صحيحة.
وعلى مستوى البحث في مراحل الماجستير والدكتوراه، تفاقمت آفات أخرى بعد انتشار النسخ الرقمية من الرسائل التي نوقشت سلفا علاوة على النسخ الرقمية من البحوث على قواعد البيانات العالمية وتحميلها بسهولة.
ومع انتشار برامج الترجمة الآلية بل وانتشار برامج تحويل النصوص الورقية القديمة إلى نصوص رقمية أصبح من السهل جدا “طبخ” أي بحث أو رسالة.
ورغم التسليم بأن هناك اليوم برامج محوسبة للكشف عن السرقة والانتحال، فإن المسألة تمضي أيضا بطريقة الطائرة والصاروخ، كلما طورت الطائرة نفسها طور الصاروخ نفسه. والنتيجة أن كثيرا من الحاصلين على الماجستير والدكتوراه لا يستطيعون كتابة صفحة واحدة بلغة عربية سليمة.
وعلى المستوى الثقافي ظهر لدينا مترجمون لهم عشرات الكتب التي ترجمتها لهم برامج الترجمة الآلية، بينما كان المرء يفتخر في الماضي بأنه ترجم ثلاثة أو أربعة أعمال بعرق وكفاح ومعايشة للنص و”إنسانية” الترجمة.
ويمتد ذلك اليوم بشكل متصاعد إلى المنتج الثقافي في تأليف الكتب الفكرية والأدبية، وهو ما سيجعلنا نتوقع ظهور المؤلف والكاتب والأديب الرقمي الذي يأخذ قصا ولصقا من هنا وهناك بسهولة ويسر.
هذا لا يعني توجيه نقد لاذع إلى “النعم” الكبرى للذكاء الاصطناعي وسهولة الحصول على البيانات، والعالم الرقمي، بل المقصود ألا نتسامح في تحويل هذه النعم إلى “نقم” ونشارك في نشر المزيف والمقلد لأن ذلك سيترتب عليه بالضرورة طرد الحقيقي وقتل الأصيل.
بقلم/ د. عاطف معتمد
استاذ الجغرافيا
Average Rating