شقة التحرير!!

Read Time:4 Minute, 7 Second

استيقظت اليوم على هاتف من صديقة عزيزة وهي تتحدث معي عن منشور نشره الصديق العزيز مصطفى عبده رئيس تحرير بوابة أخبار اليوم عن البودكاست الذي بدأوا تصويره في شقة التحرير .

وعندما قرأت البوست ، أردت أن أشارككم جزء من حكاية شقة التحرير التي تتجاوز بكثير فكرة كونها مقرا أو أستديو. وسأخبركم بالقصة كما عرفتها وعايشتها باعتبارها أيضا جزء مهم من تاريخ مسيرتي المهنية في الأخبار ومؤسسة أخبار اليوم .

ما لا يعرفه كثيرون أن شقة التحرير هي أول مقر لمؤسسة أخبار اليوم قبل بناء مباني أخبار اليوم في شارع الصحافة. والشقة لازالت بعقد إيجار قديم بين الكاتب الكبير محمد التابعي وصاحب العقار والمؤجرة من الثلاثينات. حيث كان يستخدمها التابعي مقرا لمجلة آخر ساعة قبل أن يشاركه التوأمان علي ومصطفى أمين الحلم لتتحول لأول مقر لصحيفة أخبار اليوم . ومنذ ذلك الوقت والشقة تستضيف كبار رجال السياسة والفن والثقافة في مصر كما يقول أرشيفنا الصحفي فكثيرا ما أستقبل فيها مصطفى أمين ضيوفه.

ظلت الشقة موجودة بعد بناء مباني مؤسسة أخبار اليوم في شارع الصحافة واستخدمت بعد ذلك كمقر إداري لبعض إدارات الصحيفة.

حتى قرر الأستاذ ياسر رزق رحمة الله عليه عندما كان رئيسا لمجلس الإدارة أن تكون الشقة مقرا لمنتدى أخبار اليوم للسياسات العامة بعد إنشاؤه عام 2016. وكعادته دائما كان يحول الصعب والمستحيل إلى واقع جديد مختلف، فكان من السهل عليه أن يخصص أي جزء من مباني المؤسسة للمنتدى خاصة مع قدم المكان وعدم جاهزيته. ولكنه فضل أن تكون الشقة بموقعها المتميز المطل على ميدان التحرير هي المقر الخاص بالمنتدى الذي كان يمثل حلما كبيرا للأستاذ ياسر أراد أن يحققه لأخبار اليوم.

واستطاع أن يحصل من وزارة التعاون الدولي على منحة مالية ليجدد به الشقة ويبدأ المنتدى عمله كمركز للفكر لا يوجد مثيل له في الصحف المصرية . وبدأ العمل في المكان وتجهيزه ليناسب قيمته التاريخية ودوره الذي أختاره له . وبعد قراره باختياري نائبا للمدير التنفيذي للمنتدى في أكتوبر عام 2018 طلب مني التواجد باستمرار في شقة التحرير . وكان الوضع صعب جدا في البداية فلم تكن سلالم العمارة ممهدة والمكان كان يفتقد لكثير من التجهيزات فضلا عن تخوفي من فكرة عدم وجود أمن تابع للمؤسسة في المكان. ولكني قبلت التحدي واخترنا سويا فريق العمل من الإداريين . ثم طلب مني الأستاذ ياسر أن أذهب لأرشيف الصور لاختيار صور وصفحات أولى للأخبار توثق أهم مشاهد في تاريخ مصر كنا حاضرين فيها . وكلف معي الأستاذ طارق مأمون من وزارة الثقافة الذي مد المؤسسة بالعديد من اللوحات المتميزة والفريدة . وذهبنا سويا لاختيار الصور التي ألتقطها أشهر مصورين أخبار اليوم والصفحات الأولى لتحكي قصة مصر من الملكية وصولا لثورة 30 يونيو ، فضلا عن رسومات الكاريكاتير لأشهر فنانين الكاريكاتير في أخبار اليوم ومصر مثل رخا وصاروخان ومصطفى حسين وعمرو فهمي. ومن الصور التي أذكرها جيدا كانت آخر صورة للرئيس السادات التي ألتقطت قبل اغتياله بلحظات قليلة للمصور مكرم جاد الكريم . كما ستجدون صورا للمصور الكبير فاروق إبراهيم تضم أم كلثوم وعبد الحليم ومصطفى وعلي أمين. بالإضافة لصور من عصر الملكية وحريق القاهرة وزيارة عبد الناصر للسد العالي ، وصور من ثورتي يناير و30 يونيو.

وبعدها جاءت مهمة تزيين جدران المنتدى بهذه الصور مع لوحات فريدة من وزارة الثقافة وقد شاركني أيضا الأستاذ طارق في المهمة حتى أصبح كل جدار في المكان له قصة وحالة مختلفة . حتى المكاتب.

ثم اشتريت كل ما يخص المكان من تجهيزات أخرى لنبدأ العمل . وتم افتتاح المقر رسميا في 17 أكتوبر عام 2019 في حفل كبير حضره 3 وزراء وقتها على رأسهم اللواء محمد العصار رحمه الله والدكتورة هاله السعيد وزيرة التخطيط والدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف بجانب أعضاء المنتدى الأجلاء من وزراء سابقين وسفراء ونواب برلمان وكبار الكتاب والصحفيين .ووقف أستاذ ياسر رحمه الله يشرح للحضور تاريخ المكان وتاريخ كل صورة ليؤكد على مكانة أخبار اليوم العريقة التي كانت شاهدا على كل الأحداث الفارقة في تاريخ مصر.

وعلى مدار عامين عقدت جلسات نقاشية في المقر كما كنا نجهز مركزا لبحوث الرأي العام بمنحة من وزارة الاتصالات. واستضفنا أكثر من مسئول في قنوات فضائية للاستفادة من الاستوديو المجهز في المكان ليكون ذلك جزء من مصادر التمويل التي يوفرها المنتدى للمؤسسة وتم الاتفاق المبدئي بالفعل مع إحدى الفضائيات العربية لتأجير الأستديو ولكن لم يكتمل الاتفاق بسبب إغلاق المكان . فعندما رحل الأستاذ ياسر رزق عن مجلس الإدارة كان أول قرار تصدره الإدارة الجديدة إلغاء المنتدى بدون توضيح أية أسباب وكان الأمر لا يعدو كونه لمضايقته وتعمد هدم كل ما بنى في أخبار اليوم عموما. وكان ذلك قبل وفاة الأستاذ ياسر بعام أظنه شهد خلاله ما لم يشهده من قبل خلال سنوات عطاؤه لأخبار اليوم . وبعدها أغلقت شقة التحرير. وسمح لرئيس تحرير سابق باستخدام المكان كمقر لحملته الانتخابية وعلقت صوره على نوافذ المقر في استخدام جديد كان بعيدا كل البعد عما اعتمده التابعي ومصطفى أمين وياسر رزق لشقة التحرير من دور .ثم أغلقت الشقة مجددا حتى تم فتحها هذا الأسبوع وتجهيزها لتصوير أول بودكاست تنتجه بوابة أخبار اليوم بعد طلب من أستاذ مصطفى عبده رئيس تحرير البوابة الذي زارنا في شقة التحرير مرات قليلة أثناء إعداد موتمر أخبار اليوم للتعليم. وبعد موافقة الأستاذ إسلام عفيفي رئيس مجلس الإدارة للاستفادة من المكان وتقديم محتوى رقمي متميز للبوابة. وأنا على يقين أن شقة التحرير بتاريخها الكبير ستظل تستقبل رموزا مصرية كثيرة لتؤكد مجددا على مكانة أخبار اليوم التاريخية.

بقلم/د. رضوى عبد اللطيف 

اخبار اليوم

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %

Average Rating

5 Star
0%
4 Star
0%
3 Star
0%
2 Star
0%
1 Star
0%

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *