هل حقا الإسلام هو الحل؟!
عادل القليعي يكتب*
(تصورات ورؤي)
عنوان قد يثير جدلا كبيرا ، خصوصا وأن كاتبه مسلم ومتخصص في الفكر الاسلامي.
وقد تأخذ الكثير الحمية والعصبية وقد يصل بهم الأمر إلى اتهامي بالهرطقة أو الهرتلة الكلامية.!
أو قد يتهمني البعض بالجنون ، كيف يكتب مثل هذا الكلام ، وإذا لم يكن الإسلام هو الحل ، فأين يمكن لنا أن نتلمس الحلول لكل مشكلاتنا.؟!
أقول للجميع لا تصدروا الأحكام على عواهنها ولا تطلقوها جزافا وبطريقة عشوايية ولكن تريسوا وفكروا مليا وتفكروا في كل كلمة سيتناولها الكاتب في مقالته.
فهيا بنا نطوف بكم حول هذا المصطلح “الإسلموسياسي” ، مصطلح أخذته بعض الجماعات السياسية ستارا وشعارا مستغلين حماسة الناس وحميتهم وحبهم لدينهم ومن ثم راحوا يضربون على هذا الوتر الحساس ، أن الحل في الإسلام ، الحل لكل مشكلاتنا سواء المشكلات السياسية أو الثقافية أو الإجتماعية أو التعليمية ، أو الإقتصادية.
ومن هذا المنطلق صالت وجالات مكبرات الصوت بأصوات جهورية تملأ كل البلدان ، الإسلام هو الحل.
(ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم)، أي لسمعت دعواتهم ، ولكن لأنهم وظفوا هذا الشعار لخدمة المآرب الشخصية فلم يفلحوا وتحزبوا وتشرزموا وبات كل حزب بما لديهم فرحون ، وضاعت القضية الرئيسة بين الأطراف المتناحرة فكل طرف متربص بالآخر يتحين عليه الفرص لينقض عليه ، ضاعت القضية الأم ، ألا وهي العودة بأمتنا سيرتها الأولى ، أمة فتية قوية تجتمع عندها كل الأطراف ، مثلما كان يفعل الرسول المعصوم صلى الله عليه وسلم.
السؤال الملح والذي يطرح نفسه من منا ينكر هذه العبارة ، من شهد لله بالوحدانية ولنبيه بالرسالة ينكر أن يكون الإسلام هو الحل ، أن يكون الإسلام هو المظلة التي يستظل تحتها الجميع.
لكن متى إذا طرحنا الأنا جانبا ، إذا عدنا إلى روح وجوهر الإسلام ، لا إسلام ومسلمون بشهادة الميلاد وببطاقة الرقم القومي.
نعود عودا أحمدا إلى صحيح الدين ، إلى تعاليم الإسلام السمح الحنيف الذي ينبذ العصبية ويطرح الجاهلية الأولى ، العودة إلى التراحم والتسامح والتعاون والمحبة الحقيقية.
نعم الإسلام هو الحل لكل مشكلاتنا لكن متى ، إذا تركت الناس إنتظار مباريات كرة القدم ومؤذن الصلاة ينادي حي على الصلاة ، حي على الفلاح واتجهت قلوبهم وعقولهم إلى المساجد ، إذا امتلأت المساجد بالمصلين في صلاة الفجر ، إذا حدث تكافل إجتماعي وشعر الغني بالفقير وأطعمه لوجه الله .
إذا وصلنا الأرحام وصلينا بالليل والناس نيام وأفشينا السلام ، وأصبحنا الكل في واحد والواحد فى الكل.
إذا أدى كل منا ما عليه لله تعالى لأن ذلك سيعود علينا أضعافا مضاعفة (وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله)
إذا أدى الطبيب عمله بتفان وحب وإخلاص ، إذا راقب المعلم ربه واخلص في عمله وعلم أن ناقده بصير (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير)، قيسوا على ذلك المهندس والمدير والوزير والرئيس والغفير ، اخلصوا أعمالكم لله فإن الناقد بصير والجميع سيقف أمام الله (وقفوهم إنهم مسؤولون).
متي يكون الإسلام هو الحل ، إذا علم من يغش فى الميزان ويخسره ويطفف فى الكيل ، ويسرب الإمتحانات ويترك اللجان “سداح مداح” نظير بضع جنيهات أو حتى لقيمات أو حتى دولارات ، يتركها للغش والنتيجة تخرج مائة في المائة والطآمة الكبرى خريج فاشل في الطب أو الهندسة.
نعم متى يكون الإسلام هو الحل إذا كان هم القادة الأكبر وشغلهم الشاغل نهضة البلاد ورفعتها ورفع مستوى معيشة المواطن وتحقيق الرفاهية والخيرات له ، وتقديم خدمات تليق بآدميته ، بإنسان كرمه الله من فوق سبع سموات.
إذا اجتمعت قلوب القادة المسلمين على قلب رجل واحد مجتهدين قدر استطاعتهم والله من وراء القصد – مجتهدين لإستعادة أمجاد أمتنا الٱسلامية ووضعها في مكانها الصحيح بين الأمم ، لا بل في مقدمة الأمم ، أن يجتمعوا على كلمة سواء ، هذه الكلمة لملمة شعث وشتات هذه الأمة وإقالتها من عثراتها.
متى ، إذا تركنا التناحر والتقاتل على منصب أو جاه أو سلطان.
نعم الإسلام هو الحل عبارة صحيحة مائة بالمائة ، وكلمة حق نتمني أن تكون كلمة حق تقال في محلها الصحيح ، لا أن تكون كلمة حق يراد بها باطل.
فكثير ما كنا نشاهد على الفضائيات ، أصوات جهورية لبعض أصحاب اللحى الطويلة ويجذبك كلامه عن الإخلاص فى العمل والزهد والتقشف وتراه يركب أفخم السيارات ويعيش فى الفلل والقصور.
بل وشاهدنا من يتحدث الآن عن الأزمة الإقتصادية الطاحنة ويطالبنا بترشيد الإستهلاك فى إستخدام بعض السلع التموينية الضرورية لا الترفيهية ، فهل رشدت أنت يا شيخ ؟!.
هل أخرجت ما هو زائد عن حاجتك وأعطيته للفقراء ، وخلاف هؤلاء كثير وكثير.
نعم الإسلام هو الحل ، إذا طبقنا الإسلام كما ينبغي.
إسلام قال عنه محمد عبده في فرنسا وجدنا إسلام بدون مسلمين ، أي إلتزام بتعاليم الإسلام ، ووجدنا في بلادنا مسلمين بلا إسلام.
الأحبة الأكارم إذا أردنا نهضة حقيقية لأمتنا العربية والإسلامية ولشعوبنا المستضعفة فى الأرض لابد وحتما تفعيل هذه العبارة قولا وعملا، نظرا وتطبيقا، لا أن نضعها شعارات تزين بها الأعلام.
لا أن توضع المصاحف في السيارات لحفظها وفي المكاتب لاستكمال الديكورات والتراب يعف عليها.
* استاد الفلسفة باداب حلوان
Average Rating